بيان مصلح: إرث الدلعونا في الشتات | Atlas Rommana | أطلس رمانة

بيان مصلح: إرث الدلعونا في الشتات


“كل حركة في الدبكة تروي بعد من تاريخنا الفلسطيني والهدف من الحفاظ على تراثنا والحفاظ على الدبكة واحيائها هو التأكيد على وجودنا من مئات السنين” بيان مصلح، مؤسسة فرقة السلام للدبكة الفلسطينية النسائية - قطر.

 

 بيان هي فتاة فلسطينية من مواليد الدوحة قطر، تقود مجموعة السلام للدبكة الفلسطينية بفرعه النسائي. أطلقت بيان مبادرتها بتكوين فرقة دبكة نسائية لعدم وجود واحدة في قطر نابعة من إيمانها أن المرأة الفلسطينية يجب أن يكون لها بصمتها في حفظ وإحياء التراث خاصة في الشتات.

 تقبع الدبكة الفلسطينية في قلب المقاومة من الشتات، وهي طقوس رقص فولكلورية جماعية يؤديها الفلسطينيين في المناسبات السعيدة مثل الأعياد وحفلات الزفاف وحفلات التخرج والمهرجانات، بالإضافة إلى المناسبات الوطنية والسياسية مثل الأعياد الوطنية والاحتجاجات.

على الرغم من وجود الدبكة في دول مجاورة أخرى، حيث يتم أداء أنواع مختلفة من الدبكة في جميع أنحاء بلاد الشام، تقوم كل دولة بدمج عناصرها الثقافية الوطنية والتاريخية (مثل الموسيقى الشعبية، وكلمات الأغاني، والملابس، وايقاع الخطوات) في الدبكة الخاصة بهم.

في سياق فلسطين، تحولت الدبكة من رقص فلكلوري إلى أداة للحفاظ على الهوية الوطنية وربطها بمقاومة المحاولات الاستعمارية للإبادة الجماعية للفلسطينيين ومحو هويتهم.

 أصبحت الدبكة دعوة احتفالية لتحرير الفلسطينيين من الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي خاصة بشكله الثقافي، فالرقص هو أكثر من مجرد ممارسة حركية أو تعبير فني أو تمرين، فهو بطبيعته مناهض للاستعمار.

 

اللويح والدبيكة وايقاعات الترابط والتضامن:

 غالبًا ما تشمل المكونات العامة للدبكة الفلسطينية موسيقى الدبكة، وهو أسلوب فريد من الموسيقى الذي يعتمد بشكل أساسي على الألحان الإيقاعية للمزمار والدربكة وكلمات الأغاني التي تتحدث عن الارتباط بالأرض والغربة والسياسة بالإضافة إلى كلمات عن الرومانسية، والزواج والأسرة، والصداقة.

 تتطلب الدبكة وجود جماعة "الدبيكة" يقودهم "اللويح" وهو بمثابة قائد الفرقة، وتعبر هذه الدينامية بين الدبيكة واللويح عن ترابط وتجانس وتضامن الشعب الفلسطيني خاصة في الشتات.

 

الأصول الثقافية للدبكة الفلسطينية:

تعود أصول الدبكة إلى الطقوس الثقافية المرتبطة بالأرض التي ترمز بحركات الأقدام مثل الدك إلى تحضير الأرض الزراعية، وحركات شبك الأيادي والتي تتجسد رمزيتها في "الدلعونا"، فأصل الدلعونا يآتي من «مدّ يد العون»، إذ كلما ارادوا الأهالي التعاون فيما بينهم لإنجاز عمل ما، مثل جني المواسم، أو سلق القمح أو عند البناء أو في مواسم القطاف، كانوا يتنادون «دلعونا» طلبا لمساعدة أهل القرية.

 ترتبط الدبكة بشكل وثيق بالموسيقى التي يتم أداء رقص الدبكة على أنغامها وكلماتها، فتوجد تيمة الغربة في كلمات الأغاني الفلسطينية بشكل كبير وغالباً ما تنقل موسيقى الدبكة رسائل العودة خصيصًا للفلسطينيين في الشتات، وتحثهم على عدم نسيان ما قدمته لهم أرضهم، وتذكرهم بمدى حنين الأرض إليهم، مثال على ذلك أغنية الدبكة الفلسطينية الشهيرة زريف الطول: "يا زريف الطول وقف تقلك، رايح عالغربة وبلادك أحسنلك".

 

الدبكة الفلسطينية والشتات:

 تبنى الفلسطينيون في الشتات العديد من العناصر الثقافية التقليدية لتعزيز تطلعاتهم القومية وتأكيد حقوقهم كالشعب الأصلي والمستحق لأرض فلسطين في مواجهة محاولات الطمس والاستيلاء على أراضيهم وثقافتهم وتاريخهم وتقاليدهم التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي.

 في الشتات، يمارس الفلسطينيون الدبكة الشعبية، كأداة للحفاظ على الذاكرة الرافضة للاستعمار ونقل المعرفة التراثية.

  منذ عام 1948 وعندما بدأت التجربة والهوية الفلسطينية تتضمن النزوح والشتات والغربة كعنصر أساسي منها، كان على الفلسطينيين إعادة تعريف هويتهم الجماعية، ووجودهم كشعب، والحفاظ على ثقافتهم وتراثهم.

 يعتمد الفلسطينيون في الشتات على الممارسات الثقافية القائمة على الفنون مثل الرقص والموسيقى والشعر والأعمال الفنية للحفاظ على الاستمرارية الثقافية وتناقل هذه الهوية عبر الأجيال، وجميع محاولات فلسطينيو الشتات بالارتباط بثقافتهم وهويتهم الفلسطينية في سياق خارج حدود فلسطين يمكن تأطيره في قالب الصمود.

 إنها استراتيجية مقاومة تتعلق بالثبات والالتزام بالحقوق الفلسطينيين في أرضهم، فالدبكة تعزز الصمود نظرًا لأن الممارسات الثقافية القائمة على الفنون  متجذرة في فكرة الجماعية التي ترتبط بالأرض.

 بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون خارج وطنهم مثل بيان، يعد أداء الدبكة في إطار منظم بمثابة

تذكير بروح المجتمع الفلسطيني ونضاله وتاريخه.

 ومن خلال ممارسات المقاومة الثقافية مثل الدبكة، يظل فلسطينيو الشتات منخرطين في النضال الفلسطيني وهذا أمر مهم لأن المقاومة بطرق متعددة من خارج حدود الوطن يعمل جنباً بجنب

الوجود المادي للفلسطينيين على الأراضي الفلسطينية.

 ينغمس فلسطينيو الشتات في التاريخ الشفهي وممارسات الذاكرة الثقافية التي تنتقل عبر الأجيال لتشكيل الوعي السياسي الفلسطيني في الشتات، والشعور بالذات، والإنتاج الثقافي، والمقاومة.

 إن أداء الدبكة وتعليمها ومشاركة العروض مع أفراد المجتمع، واستحضار هذه الروح التراثية في سياق الغربة من خلال الرقص، يمثل تجسيدًا للصمود، فيهدد هذا الشكل من المقاومة الناعمة استراتيجيات وسياسات الاحتلال القائمة على تدمير ومحو وطمس الثقافة الفلسطينية لأنها دليل على أحقية الفلسطينيين للأرض.

 الدبكة هي طريقة أخرى يلجأ إليها الفلسطينيين لسرد روايتهم وإثبات وجودهم وأحقيتهم وإحياء الأمل في العودة، للتعامل مع جرح التشتيت، ونقل هذا الإرث للأجيال القادمة التي لا تعرف وطنها إلا من خلال رواية قصصه.

 

للتواصل مع بيان وفرقتها: https://www.instagram.com/alsalam_dabkh?igsh=cWJ1aHp4N2w5ZHNh